غسل الأموال- من جذور المافيا إلى تحديات العصر الرقمي

المؤلف: «عكاظ» (جدة)09.03.2025
غسل الأموال- من جذور المافيا إلى تحديات العصر الرقمي

يُفهم تبييض الأموال على أنه إجراء لإخفاء مصادر الأرباح غير المشروعة وتحويلها إلى أموال تبدو نظامية وقانونية للاستثمار والتبادل التجاري. تعود جذور هذه الممارسات إلى بدايات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد في فترة العشرينات، عندما أدى الحظر المفروض على المشروبات الكحولية بين عامي 1920 و 1933 إلى ازدهار التجارة السرية للمجموعات الإجرامية، حيث عمدت عصابات شهيرة مثل عصابة آل كابوني إلى استغلال محلات غسيل الملابس كستار لدمج عائدات تجارة الكحول غير المشروعة مع أرباح قانونية من مصادر أخرى.

تمر عملية تبييض الأموال بثلاث مراحل جوهرية وحاسمة: المرحلة الأولى هي إدخال الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة إلى داخل النظام المالي، تليها مرحلة التمويه، حيث يتم إخفاء الأثر والمنشأ غير القانوني لهذه الأموال من خلال تنفيذ عمليات مالية معقدة ومتشابكة، وأخيراً مرحلة الدمج، وفيها يتم إدخال ودمج الأموال المغسولة في دائرة الاقتصاد المشروع لتصبح مهمة تعقبها أمراً بالغ الصعوبة. ومع مرور الزمن، شهدت الأساليب المستخدمة في غسل الأموال تطوراً ملحوظاً، فبعد أن كانت تعتمد على الإيداعات النقدية المباشرة، أصبحت تعتمد الآن على التحويلات المصرفية المعقدة، مستفيدة من التوسع والانتشار الهائل للشبكات المالية الدولية.

في هذا العصر الرقمي الذي نعيشه، اكتسبت هذه الظاهرة أبعاداً جديدة ومثيرة للقلق، حيث أصبحت العملات الرقمية المشفرة، مثل البيتكوين، أداة فعالة لإخفاء الأموال وغسلها بشكل يصعب تتبعه، وتحول نشاط غسل الأموال إلى شبكة الإنترنت مستفيداً من الميزات التي توفرها من سرعة وسهولة في الإخفاء والتستر على العمليات المشبوهة. بل إن بعض البثوث المباشرة التي تعرض على المنصات الرقمية المختلفة قد تحولت في بعض الأحيان إلى ستار لتمرير الأموال وغسلها عبر استخدام الهدايا الافتراضية، الأمر الذي يفرض تحديات جمة ومتزايدة على الجهات الرقابية المكلفة بمكافحة الجرائم المالية حول العالم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة